تتميز سلطنة عمان بتنوع جغرافي مميز مما يجعل منها مقصدا سياحيا لمحبي الاستكشاف والمغامرة، والتي منها الجبال والكهوف والأنهار وشواطئ البحار التي تشكلت خلال حقب زمنية مختلفة.
حيث يتكون الحجر الغربي من مجموعة من الجبال، كالجبل الأخضر وجبل شمس والجبل الشرقي بمحافظة الداخلية، وتتميز هذه الجبال بمكنونات جيولوجية مميزة، بما فيها الوديان والأحجار المختلفة في الأشكال والأنواع، والأشجار المتنوعة كالعلعلان والزيتون البري والبوت، وتعد منبعا اقتصاديا هاما في حياة سكان تلك المناطق، بالإضافة إلى وجود عدد من الكهوف الخلابة.
هذا ما أخبر به عدد من المغامرين من أبناء سلطنة عمان وبعض السياح الأجانب، والتي قامت مكتبة الشيخ محسن بن زهران العبري الأهلية بالتنسيق مع شركة /روحنا/ للمغامرات في تنظيم رحلاتهم .حيث نزل الفريق إلى كهف بركة الشرف وقاموا باستخراج مكنوناته، حيث يبعد كهف بركة الشرف عن ولاية الحمراء حوالي 25 كيلومترا من جهة الطريق المؤدي إلى الجبل الشرقي، ويتوضع على جرف أحد الوديان على بعد واحد كيلومتر تقريبا إلى جهة الشرق من استراحة أرض القمر، ويتم الوصول إليه سيرا على الأقدام، وهو أحد الكهفين في الجبل الشرقي إضافة إلى كهف طوي العقبة.
وفي هذا السياق يتحدث رئيس جمعية الجيولوجيين العمانيين قائلا: إن الجبل الشرقي يوجد فيه كهفين؛ أحدهما كهف بركة الشرف، والاخر كهف طوي العقبة، ويتمتع كلا الكهفين بميزاته الخاصة وجماليته الساحرة التي تختلف عن الآخر، إضافة إلى أن كليهما يحتاج إلى مغامرين متمرسين ومتسلقين جبال مميزين لنزولهما، مضيفا أن هذه الأماكن جاذبة لهم.
وأشار رئيس الجمعية إلى أن النزول إلى كهف بركة الشرف يعد فرصة لمحبي المغامرة للاطلاع على الجديد من هذه الكنوز في هذه البقعة الطيبة من سلطنة عمان وللاستعداد للمهمة، حيث أصبح عدد منهم في الجبل والباقون انتظروا حتى فجر يوم الرحلة، حيث كان من المقرر أن انطلاق الرحلة بعد صلاة الفجر بالاتجاه شرقا بحوالي كيلومتر واحد من الاستراحة، واستغرقت رحلتهم منذ الانطلاق حتى العودة حوالي ثمانية ساعات حاولوا من خلالها تسجيل ما يستطيعون ملاحظته داخل هذا الكهف الذي يعتبر من الكهوف الرأسية بعمق حوالي 80 مترا.
كما لفت أحد المغامرين إلى أن النزول الأول يحتاج إلى مصابيح بسبب انعدام الرؤية، بينما يكون التنفس حتى عمق الكهف طبيعيا جدا ولا يوجد اختناق أو غازات تضيق التنفس، أما نزلات الكهف فهي خمس نزلات؛ أطولها النزلة الأولى التي يبلغ طولها 27 متراً وباقي النزلات الأربعة فهي مختلفة الأطوال إلا أنها أسهل من الأولى. وفي نهاية كهف بركة الشرف يوجد بركة ماء عميقة بها مجرى ضيق.
ووصف اخر أن النزول إلى الكهف ليس بالسهل أبدا لغير المتمرسين، فهو يحتاج إلى استعدادات وتجهيزات ومعدات خاصة، بالإضافة الى أشخاص خبراء في مجال المغامرات وحائزين على تراخيص من وزارة التراث والسياحة؛ لتجنب المخاطر للحفاظ على الكهف الذي يعد إرثا مميزا للأجيال القادمة.
وأشار إلى أن النزلة الأولى هي الأكثر صعوبة لإنشاء درج لأنها بطول ٢٧ مترا، أما باقي النزلات فهي نزلات مريحة. فيما لفت شخص اخر إلى أن هذه الكهوف ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها وحمايتها من خلال إنشاء سور ووضع لوحات إرشادية لمن يريد زيارة المكان تحتوي إرشادات و توجيهات للمحافظة على نظافتها وعدم العبث بها وتشويه طبيعتها، والتحذير من مخاطر النزول إليها لصعوبتها إلا للمحترفين بالتسلق الجبلي.
كما أوضح زائر اخر أن جدران الكهف تتكون من طبقات جيرية رسوبية، بعضها يحتوي على أحافير بحرية من النطاق الذي تشكلت فيه قبل بروزها لاحقا على مرتفعات جبال الحجر، ووجودها حاليا على ارتفاع شاهق يقارب 2000 متر فوق سطح البحر. وتتغطى جدران وسقوف الكهف في عدة مواضع بتشكيلات من نوازل وصواعد كربونات الكالسيوم الناتج من الترسب المائي، بعضها ما زال يجري وتتقاطر فيها المياه، والبعض الآخر جاف ويدل على أزمنة كان فيها المنسوب المائي أكثر جرياناً مكونا شلالات جوفية.
يذكر أن الزائر لهذه الأماكن يتمتع بالتنوع التضاريسي لهذه الجبال التي تحتوي على إطلالات رائعة من الأعلى إلى الأسفل، كما يتمتع برؤية بعض القرى الجميلة في عمق الفالق مثل قرية هاط وقرية بلد سيت، وإذا أمعن النظر في المناطق البعيدة من هذا الارتفاع سوف يظهر أمام ناظريه بعض ولايات سلطنة عمان كولاية الرستاق. كما أن هناك بعض الأماكن التراثية التي لها تاريخها الغابر، مثل بركة الشرف وهي بركة بناها الأجداد على سفح الجبل لتجمع المياه وقت نزول الأمطار ليستفيد منها المارون في تلك الجهة، وهذا أسلوب سقي اتخذه الأجداد في كثير من مناطق الجبل الأخرى، ولدى بعضها أوقاف لمتابعة صيانتها.
