مدينة ارليت – الثروة التي تحولت موتاً على صاحبها

مدينة ارليت

مدينة ارليت النيجرية تعطي فرنسا الحياة والضوء. ويمنحها الفرنسيون الموت. شكلت مطمعا للاوروبيين جميعا. وكان لفرنسا النصيب الاكبر من كعكتها الصفراء مهد ثروات النيجر من اليورانيوم والذهب والليثيوم.

الشعب الذي يدفع ثمن ثرواته موتا بطيئا. يتنفسه مع الهواء. ارليت مدينة ايتام اليورانيوم. ومهد الطوارئ التي طمع بها الجميع، حتى صدام حسين قبل موته. لنتعرف الى قصتها معا. لكن لا تنسوا الاشتراك وتفعيل زر الجرس.

مدينة ارليت

في منطقة اقدس شمال النيجر قرب الحدود الجزائرية تقع مدينة ارليت. قديما ومنذ عام الف وتسعمائة وواحد وسبعين عرفت هذه المدينة بانها منطقة طبيعية. اتخذها الطوارق في النيجر مرعى لابلهم في فصول الشتاء والربيع. وحينما تحولت الى مناجم لشركة سوماير وكوميناك اعتقد الرعاة لوهلة ان مدينتهم باتت على موعد قريب بالاستقرار والتنمية. وانتظروا ان تسارع الحكومة النيجرية الى بناء مجتمعات جديدة. لكن الرياح لم تجري كما اشتهت السفن.

فالمدينة الصناعية النيجيرية التي ذاع صيتها على انها مهد انفس معادن النيجر وهو اليورانيوم. ورغم انها من اغنى المدن به. الا ان هذا الغنى لم ينعكس ابدا على مدينة ارليت وسكانها. الذين على عكس مدينتهم يعرفون بانهم من افقر سكان غرب افريقيا واكثرهم عوزا. لدرجة انهم لقبوا في بعض وسائل الاعلام بانهم ايتام ارليت. او أيتام اليورانيوم.

يورانيوم يدر المليارات

ورغم ان مدينة ارليت تحتوي شركات تدر المليارات سنويا من استخراج اليورانيوم الا ان ذلك لم ينعكس باي شكل على المنطقة وسكانها. الذين يفتقدون ادنى مقومات الحياة. فالشركات الاجنبية التي استوطنت ارض المدينة وعملت في التنقيب في صخرها وارضها. لم توفر لها اي خدمات او بنية تحتية. حتى بدا جليا ان اهمال هذه النواحي بالمدينة من الشركات كان متعمدا. الشركات نفسها التي اولت هذه الارض اهتماما عالميا منقطع النظير بسبب ثروتها من اليورانيوم.

الطاقة النووية في فرنسا

عين اوروبا على ارليت

بحسب الارقام الرسمية للرابطة النووية العالمية فان مدينة ارليت النيجرية وحدها زودت دول الاتحاد الاوروبي بما يقارب خمسة وعشرين بالمائة من امدادات اليورانيوم. وانها انتجت عام الفين اثنين وعشرين فقط نحو خمسة بالمائة من التعدين العالمي. حتى انها كانت محط انظار الرئيس العراقي السابق صدام حسين قبل الحرب في العراق عام الفين وثلاثة.

فرنسا كانت من اكثر الدول تمددا داخل النيجر. لذلك فان الشركات الفرنسية وضعت يدها على مناجم ارليت. ومن ابرز هذه الشركات كانت شركة اورانو المثيرة للجدل. بالتعاون مع قرينتها سومير المملوكة للنيجر. اللتين تسيدتا انشطة استخراج واستكشاف اليورانيوم في البلاد.

أشهر المناجم

وابرز هذه المناجم كان في ارليت ضمن عدة مناجم هي منجم اوكوتا لليورانيوم. الواقع غرب مدينة ارليت والذي ينتج نحو خمسة وسبعين الف طن من اليورانيوم. منذ عام الف وتسعمائة وثمانية وسبعين. لكن تم اغلاقه في اذار عام الفين وواحد وعشرين. بسبب نفاذ احتياطاته من الخام. ويوما بعد يوم كان الناس ينتظرون ان تتحسن اوضاع ارليت يوميا. لكن ذلك لم يحدث.

اقرأ ايضاً
الحرب في النيجر - هل تتمكن اكواس من اعادة بازوم للسلطة

منجم ذهب

رغم ذلك اتت اليها اعداد جديدة من الباحثين عن الثروة منذ عام الفين واربعة عشر. وبعد ظهور الذهب في جادوا وتشيبركاتين. ما يزال الجميع يكافحون من أجل قوتهم. وبات الجميع على قناعة تامة بان اليورانيوم والشركات المنقبة عنه. لم يجلبوا لمدينتهم سوى الدمار. اذ باتت اعمال التنقيب وبالا على البيئة بعد ان حولت المنطقة الى واحدة من اكبر مناطق الصحراء تلوثا.

فرنسا النووية

مدينة ارليت الصناعية تقع بين الصحراء الكبرى وجبال العير. تبعد مائتا كيلو متر الى الجنوب من الحدود الجزائرية. ويسكنها نحو ثمانين الف نسمة. تعيش فيها جالية فرنسية كبيرة. ويشكل اليورانيوم ثمانين بالمائة من صادراتها. ولطالما اشتهرت بتعدد مناجم استخراج مادة اليورانيوم. التي تستغلها الحكومة الفرنسية لامداد المفاعلات النووية. التي تعتمد عليها فرنسا في انتاج الطاقة.

وقد انشئ طريق حديث يتجه جنوبا لنقل شحنات اليورانيوم الخام الى ميناء كوتونو بدولة بنين للتصدير. في التسعينيات، بعد ان شهدت اسعار اليورانيوم تدهورا كبيرا. ساهم ذلك في اندلاع تمرد الطوارق. الذين يؤمنون بان لهم وللسكان المحليين حق ونصيب في عائدات اليورانيوم. خاصة بعد ان باتت فرنسا دولة نووية مرهوبة الجانب. نتيجة استغلال اليورانيوم الذي بفضله وصلت الكهرباء لجميع منازل فرنسا. بينما غالبية منازل النيجيريين لم ترى الكهرباء قط.

الاشعاعات والمخلفات النووية

كل ذلك على حساب السكان المدنيين الذين يموتون بسبب الاشعاعات والمخلفات النووية دون تقديم اي مساعدة لهم. وليست طوارق فقط. ايضا منظمات غير حكومية كثيرة افريقية واوروبية. انتقدت اعمال التعدين بالمدينة لما تخلفه من كوارث بيئية وصحية. خاصة شركة اريفا. وزاد غضب الجميع بعد تقرير للجنة البحوث والمعلومات للتحقق من نسبة الاشعاع في النيجر. الذي كشف وجود ملايين الاطنان من مخلفات اليورانيوم ملقاة على سطح الارض في العراء.

كما كشفت دراسة احدى اللجنات البيئية وجود عشرين مليون طن من النفايات المشعة تركتها الشركة الفرنسية كوميناك في مصب للنفايات بالهواء الطلق وعلى الارض مباشرة. حينها اطلقت اللجنة ناقوس الخطر محذرة من خطورة هذه النفايات. والاحتمال الكبير والوشيك لتسربها لتلوث المياه الجوفية بعد ان لوثت الهواء. الامر الذي يشكل تهديدا كبيرا لسكان مدينة ارليت.

ايقاف الاستغلال الفرنسي

فتح انقلاب النيجر جروح النيجيريين عامة. وسكان مدينة ارليت او من يطلق عليهم الايتام حيث بات النيجيريون والمنظمات البيئية يطالبون بوقف ما اسموه الاستغلال الفرنسي لثرواتهم من اليورانيوم الملقبة بالكعكة الصفراء خاصة ان الاستغلال الفرنسي لا يعود على اهل المدينة الا بالامراض. حيث تم تحويلهم الى ما باتت تعرف بمقابر اليورانيوم.

بينما تدافع فرنسا عن نفسها بالهجوم على النيجيريين وتهديدهم. خاصة ان البديل جاهز. وهناك دول كثيرة تنتظر اخذ مكان فرنسا في ارليت ومدن النيجر الاخرى. مثل روسيا التي تقف على مشارف ارليت لتأخذ مكانا فيها.

أطماع اخرى

وبحسب الخبراء والمراقبين فان الاطماع التي تحوم حول ارليت سببها ليس اليورانيوم فقط. فهذه المدينة والنيجر عامة خصوصا في الشرق والمثلث الحدودي مع مالي وبوركينا فاسو تعد مصدر للاوروبيين وجيوشهم. ولم يعد اليورانيوم وحده سبب ذلك. اذ توجد مناجم من الذهب. ومناجم اخرى تضم ثروات اخرى تستعمل في الطاقات المتجددة مثل الليثيوم الخام. والاسوأ انها تأخذ كل ذلك وتستغله وتترك مخلفات الثروات التي تتدفأ وتستنير بها. لتقتل بها اصحاب تلك الثروات.

 

المصدر: مسقط برس

→ السابق

الروبل الرقمي – شكل الروبل الجديد الذي سينقذ روسيا

التالي ←

الطلاق في سلطنة عمان – ارتفاع حالات الطلاق بنسبة 8%

اترك تعليقاََ

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة