فرنسا تدعم غزة – السر وراء التحول في الموقف الفرنسي

فرنسا تدعم غزة

بعد أن كانت المواقف الفرنسية داعمة لإسرائيل بشكل مطلق أصبحنا نرى اليوم مواقف فرنسا تدعم غزة. ايمانويل ماكرون الذي كان من اوائل القادة الذين زاروا تل ابيب بعد طوفان الاقصى واضاء برج ايفل بالوان العلم الاسرائيلي دعما لاسرائيل في حربها على غزة واليوم يقول لهم توقفوا عن قتل المدنيين في غزة لا مبرر للقاتل.

ايمانويل ماكرون من داعم الاسرائيل الى جامع تبرعات من اجل غزة تغير موقفه تسبب في كثير من الالم والانزعاج في اسرائيل فلماذا ادان ماكرون تل ابيب وطالب بوقف الحرب.

داعم اسرائيل جامع تبرعات غزة

منذ اليوم الاول لطوفان الاقصى سارعت فرنسا الى اعلان دعمها الكامل لحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها وتطور الامر الى اضاءة برج ايفل الشهير وسط باريس بعلم اسرائيل. مع حظر التجمعات المؤيدة لفلسطين في مختلف انحاء فرنسا ومن بين كل الحلفاء. اقترح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تشكيل تحالف دولي ضد حركة الفصائل الفلسطينية على غرار التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا.

داعم اسرائيل

لم تكتفي فرنسا بذلك فقط فبعد اسبوعين من طوفان الاقص التقى ماكرون رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس ليؤكد تضامن بلاده مع تل ابيب واولوية الافراج عن المحتجزين لدى الفصائل. زيارة ماكرون سبقتها زيارة مماثلة لرئيسة البرلمان الفرنسي يائيل براون بيفي التي عبرت عن تاييدها المطلق لاسرائيل واقرار حقها في الدفاع عن نفسها. ما اثار جدلا داخل المجتمع الفرنسي باعتبار ذلك ابتعادا عن الخط الرسمي الفرنسي الذي يدعو اسرائيل الى الالتزام بالقانون الدولي الانساني والامتناع عن استهداف المدنيين.

تحول الموقف الفرنسي – فرنسا تدعم غزة

الدور الفرنسي المؤيد لتل ابيب لم يستمر كثيرا وها نحن اليوم نرى تصريحات لمسؤولي فرنسا تدعم غزة. فهذا ماكرون المتحول بين ليلة وضحاها يقول في احدى اللقاءات التلفزيونية يجب على اسرائيل ان تتوقف عن قتل الاطفال والنساء وكبار السن في غزة لا يوجد مبرر للقصف. تصريحاته استدعت ردا من اعلى مستوى في اسرائيل، نتنياهو علق قائلا ان مسؤولية اي ضرر يلحق بالمدنيين تقع على عاتق الفصائل الفلسطينية مبررا انها هي التي بدات الحرب وتستخدم المدنيين دروعا بشرية.

تحول الموقف الفرنسي

كما قالت الرئاسة الاسرائيلية ان تصريحات ماكرون تسببت بكثير من الالم والانزعاج في اسرائيل انتقادات لاذعة اصبح يوجهها ماكرون لاسرائيل وحملتها البرية على غزة بعدما كان يدعو العالم للوقوف في صفها. تغيرت لهجتة وبات يدعو القادة الاوروبيين والولايات المتحدة لدعم موقفه من اجل الضغط على تل ابيب لوقف اطلاق النار.

كما استضاف في عاصمة بلاده مؤتمرا لجمع المساعدات الانسانية من اجل الفلسطينيين وتعهد بتوفير تبرعات فرنسية بين 20 مليون يورو الى 100 مليون يورو هذا العام لاهل غزة ما الذي حدث ولماذا غير ماكرون موقفه.

اسرار تحول ماكرون

صحيفة لي فيغارو الفرنسية سربت وثيقة سرية تكشف احد اسرار تحول ماكرون وسماع هكذا تصريحات لفرنسا تدعم غزة ففي سابقة في تاريخ الدبلوماسية الفرنسية وقع 12 سفيرا فرنسيا في الشرق الاوسط ومنطقة المغرب العربي على مذكرة جماعية ثم ارسلوها الى قصر الاليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية. تضمنت المذكرة تحذيرات ومطالب من اجل تغيير الموقف الرسمي للبلاد.

قدم السفراء اعتراضات صريحة على دعم ماكرون غير المشروط لاسرائيل وحذروه بسبب اتهام فرنسا بالتواطئ في اعمال الابادة وبسبب ذلك تعرض احد السفراء الفرنسيين لتهديد بالقتل. ليست تلك الرسالة وحدها هي ما دفعت ماكرون الى مراجعة موقفه فالانقسام المجتمعي الفرنسي له دور كبير فهناك التيار اليميني المتطرف الذي تتزعمه مارين لوبان المرشحة الرئاسية السابقة وتساندها الاحزاب اليمينية والمتطرفة. يدعو هذا التيار الى دعم باريس لما يراه حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها. في حين يطالب التيار الثاني اليسار والذي يتشكل من الاحزاب الاشتراكية بضرورة تحقيق هدنة انسانية وادخال المساعدات الانسانية الى غزة واحترام قواعد القانون الدولي الانساني خلال المواجهات العسكرية التي تمنع استهداف المدنيين.

الطوائف الدينية في فرنسا

هذا الانقسام ليس فقط بين احزاب اليمين واليسار وانما يمتد الى الطوائف الدينية ايضا ففرنسا لديها اكبر جاليتين يهودية وعربية مسلمة في اوروبا نصف مليون يهودي وستة ملايين مسلم يعيشون على ارضها. فالعملية التي شنتها الفصائل والغزو البري الاسرائيلي اشعل التوترات في الداخل الفرنسي خصوصا بعد اعلان ماكرون دعمه غير المشروط لاسرائيل فخرجت المظاهرات المناصرة للقضية الفلسطينية. وهو الامر الذي هدد بانقسامات عميقة في الداخل الفرنسي لذا بات ساكن الاليزي مجبرا على احدث توازن دقيق لا يغضب المسلمين ويظهر أن فرنسا تدعم غزة، ولا ينفر المجتمع اليهودي على السواء لتفادي تفاقم الاستقطاب الداخلي.

وفي الوقت نفسه هو يحاول استعادة نفوذ باريس الضائع لاعادة تاثيرها على الساحة العالمية واعادة وضعها في الشرق الاوسط. ياتي ذلك في اطار سياسة الاستقلال الاستراتيجي عن واشنطن التي تتبناها باريس تحت قيادة ماكرون في محاولة منه لاستدعاء الارث القديم لديجول بعد ان اتجهت باريس الى الاصطفاف اكثر مع واشنطن منذ رئاسة ساركوزي.

اقرأ ايضاً
قصف المنازل والأسواق - مئات الشهداء من النساء والأطفال في غزة

القضيه الفلسطينيه بعيون فرنسيه

يعود تاريخ العلاقة الفرنسية بالقضية الفلسطينية الى نوفمبر عام 1947 حين صوتت باريس لصالح قرار الامم المتحدة بتقسيم فلسطين الى دولتين واحدة عربية والاخرى يهودية. وقد ادى هذا القرار الى اعلان تاسيس دولة اسرائيل التي اعترفت بها فرنسا وتشير وثائق سرية الى دور حكومة فرنسا في تهيئة الارض لظهور اسرائيل بدا من اتفاقية سايكسبيكو وموافقتها على وعد بلفور.

موقف فرنسا في الخمسينات

وبحلول الخمسينيات اصبحت فرنسا الحليفه الرئيسيه لتل ابيب حيث كانوا يعتمدون عليها كمصدر رئيسي للاسلحة والتجهيزات العسكرية. بل وصل الامر الى ان الفرنسيين شاركوا بشكل كبير في اقامة المفاعل النووي في ديمونا بصحراء النقب.

كما تدخلت فرنسا بجانب بريطانيا واسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ومع تولي الرئيس الفرنسي شارل ديغول السلطة بدات الصداقة الفرنسية الاسرائيلية تفقد قوتها. وفي في اعقاب حرب 1967 التي ادت الى احتلال اسرائيل لسينا وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان جمدت فرنسا صفقات بيع الاسلحة الى تل ابيب ودعمت قرارات مجلس الامن لانهاء وجود اسرائيل على الاراضي الفلسطينية. ما ادى الى تدهور العلاقات بين فرنسا واسرائيل.

الثمانينات

خلال الثمانينيات بدات بوادر تقارب جديدة مع وصول الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران الى السلطة وزيارته لاسرائيل. لكن هذا التقارب لم يمنع فرنسا من الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تعتبر في ذلك الوقت منظمة ارهابية من قبل واشنطن واسرائيل.

جاك شيراك

جاك شيراك

استمرت فرنسا في هذا النهج بعد تولي الرئيس جاك شيراك الذي اعلن بوضوح دعمه للاعتراف بدولة فلسطينية لذلك تعتبر فترة حكم متران وشراك عصرا ذهبيا للقضية الفلسطينية في باريس. ومع وصول نيكولا ساركوزي الى الايزيه عام 2007. شهدت السياسة الفرنسية تحولا واضحا تزامنا مع هجوم اسرائيل على غزة ردا على سيطرة حركة حماس على القطاع. بدت العلامات الاولى لهذا التغيير باستقبال الرئيس الفرنسي لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون في باريس.

واستمرت السياسة الفرنسية على نهج موال لاسرائيل مع الرؤساء اللاحقين فرانسوا هولاند وايمانويل ماكرون الذين قدما نفسيهما على انهما صديقان لاسرائيل من دون التخلي شكليا عن مبدا حل الدولتين والاعتراف بحق الفلسطينيين في اقامة دولتهم. لكن الذي اختلف هو ان احدا لم يعد يضغط بقوة من اجل حل القضية الفلسطينية بشكل عادل في ظل تطور العلاقات بين باريس وتل ابيب حتى جاءت عملية طوفان الاقصى لتكشف الرؤية الفرنسية الحالية تجاه الوضع في غزة والتحول غير المتوقع لماكرون الذي حدث في ليلة وضحاها والذي يبدو وكأن فرنسا تدعم غزة.

المصدر: مسقط برس

→ السابق

هجوم حوثي جديد على ناقلة نفط.. ومدمرة امريكية تتصدى لمسيرات في البحر الاحمر

التالي ←

دعوة أممية لتشكيل محكمة دولية خاصة بجرائم اسرائيل في غزة

اترك تعليقاََ

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة