حرب البحر الأحمر – هل أصبح التصعيد في مصلحة الجميع؟

حرب البحر الأحمر

فوق هذه المياه وتحديدا قرب مضيق باب المندب، حرب البحر الأحمر تطل براسها بعد ان استمدت نيرانها من تلك المشتعلة اصلا في غزة. فعلى بعد اكثر من 1600 كيلومتر من القطاع تفجرت ازمة بحرية يمكن ان تحول الحرب بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية الى حرب بين الغرب من جهة وايران والحوثيين من جهة اخرى.

حرب البحر الأحمر

تلك المياه التي لا طالما تزاحمت فوقها السفن والناقلات التجارية ربما في طريقها لتشترك فوقها البوارج الحربية وتقصف من فوقها المقاتلات والطائرات وتحلق على دنو منها الصواريخ البالستية عابرة القرات. والامر لا يرتبط فقط بقوة حارس الازدهار البحرية متعددة الجنسيات التي اعلنت عنها امريكا لضرب الحوثيين ومنعهم من استهداف الناقلات التجارية. بل برد ايراني سريع وصادم لم يحتج اكثر من ساعات مع اعلان الحرس الثوري الايراني تشكيل ميليشيا بحرية قوامها 55 الف عنصر بعد ان شكلت الولايات المتحدة الامريكية تحالفا لحماية امن الملاحة في البحر الاحمر ضد هجمات الحوثيين المدعومين من ايران في اليمن.

مواجهة الحوثيين

وفي تفاصيل الحكاية فان جولة وزير الدفاع الامريكي لويد اوستن بالشرق الاوسط من اجل حشد الدعم لتشكيل التحالف لمواجهة الحوثيين لم تنجح بضم الدول المتشاطئة على هذا البحر خاصة العربية منها باستثناء واحدة. لكن التحالف قام على كل حال ليضم عشر دول هي المملكة المتحدة وكندا وفرنسا وايطالياوهولندا والنروج وسيشيل واسبانيا والبحرين الى جانب الولايات المتحدة، ومن ثم انضمت اليه دول اخرى ليقارب العشرين دولة.

أهداف تحالف “حارس الازدهار”

ورغم ان وزير الدفاع الامريكي لوي دوستن لم يمعن بسرد التفاصيل الا انه حدد بوضوح هدف اطلاق العملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الاحمر، ولجم الهجمات الصاروخية وبطائرات مسيرة شنها الحوثيون. كما تحدث من البحرين التي تستضيف الاسطول الامريكية في الشرق الاوسط بان الدول المشكلة للقوة البحرية ستقوم بدوريات مشتركة في جنوب البحر الاحمر وخليج عدن.

وبالطبع فان امريكا لم تغلق الباب بعد امام انضمام المزيد من الدول لهذه القوة سواء من الدول العربية المتخوفة من اشعال حرب البحر الأحمر او حتى من حلفاء اوروبيين مثل المانيا القلقه من هجمات الحوثيين التي تزيد مصاعب اقتصاد الماني يواجهه اصلا صعوبات في تحقيق نمو هذا العام، وفي وقت حسمت 20 دولة امرها ودول اخرى ما زالت متردده.

استعدادات ايران

يبدو ان الايرانيين ايضا حسموا امرهم واتجهوا صوب التصعيد مع اعلان قائد القوات البحرية للحرس الثوري علي رضا تنغسيري عن تشكيل قوات ميليشيا بحرية ايرانية جديدة تنشط في البحار على ان تتبع ما اسماها قوات التعبئة بالمحيطات للحرس الثوري بحيث تستطيع وحدة ظل بحرية باسيج القيام بعمليات عبر السفن الثقيلة والخفيفة حتى شواطئ تنزانيا وبهذه القوات تستطيع ايران الدخول في معارك خاطفه بالقوارب لان قوات التعبئه البحرية هذه تتكون من 55 الف عنصر وتم تزويدها بصواريخ من عيار 107 مليمترات. وستكون مهمة هذه القوة التصدي العاجل والاولي لاي اطلاق نار او اعتراض من قبل القوة الدولية التي انشاتها امريكا.

حتى ان تنغسيري عاد ليعلن ان ايران جهزت قوارب بصواريخ ذكية لرصد تحركات السفن الامريكية في المنطقة، ولم تتوقف ايران هنا بل ذهبت لحد التوعد باغلاق بقية الممرات المائية وسلمت بحريتها دفعة جديدة من صواريخ كروز مداها 1000 كيلومتر في وقت يبدو فيه ان واشنطن بدات تعطي مبررات لتوجيه ضربة بحرية لطهران عبر اعلان ان الطائرة المسيرة التي ضربت حاوية تحمل مواد كيميائية انطلقت من ايران.

الحوثيون

ومن جهتهم لم يخرج الحوثيون فقط ليؤكدوا استمرار عملياتهم رغم قيام التحالف الدولي الذي شكلته امريكا بل ذهبوا لابعد من هذا بتاكيد ان امريكا تتحمل مسؤولية اي صراع سينشا في اشارة واضحة لاصرارهم على عمليات قصف الناقلات حتى وان اودت لاشتعال حرب البحر الأحمر.

وهي لن تكون كأي حرب لانها ببساطة ستقع فوق مياه بحر وصفه مستشار الامن القومي الامريكي السابق زبيجنيو بريجينسكي بانه شريان الحياة الواقع في قلب قوس الازمات وعدم الاستقرار الذي يضم الشرق الاوسط والقرن الافريقي ومنطقة المحيط الهندي وهو البحر المتاخم لمنابع النفط الرئيسة في العالم. واحد اهم طرق الملاحة الرئيسية في العالم لربطه بين قارات افريقيا واسيا واوروبا.

اقرأ ايضاً
مواجهة الحوثيين - تعرف على مصير حرب البحر الاحمر

قناة السويس

كما تمثل قناة السويس في شماله شريانا ملاحيا له اهمية استراتيجية دولية مهمة ونقطة اختناق اولى واذا ما نظرنا الى 21 ال سفينة سنويا تعبر القناة في طريقها بين البحر الابيض المتوسط والمحيط الهندي والى ما يمر بها يوميا من 30% من حاويات الشحن في العالم ونحو 10% من تجاره النفط و 8% من تجارة الغاز المسال وحوالي 12% من اجمال التجارة العالمية من جميع السلع.

وبعد النظر الى كل هذا سنعلم ماذا يعني ان تندلع حرب هنا خاصة بالنسبة للعرب الذين تطل سبعة من دولهم على هذا البحر كما تركز اسرائيل عليه ضمن نظرية امنها القومي على البحر الاحمر رغم قصر ساحلها عليه ب 11.6 كيلومترا لكنه المنفذ البحري الجنوبي لاسرائيل الى مينائها الرئيس في ايلات. كما انه المنفذ الوحيد لها نحو افريقيا واسيا. ولا يمكن بالطبع اغفال الاهتمام الكبير للقوى الكبرى بالبحر الاحمر سواء الولايات المتحدة او روسيا او فرنسا او المانيا او حتى الصين فهذا البحر مربط فرس سفن العالم عسكريا وامنيا واقتصاديا.

باب المندب

وعند الحديث عن حرب البحر الأحمر المحتملة لابد ان نلقي نظرة ايضا على باب المندب فهو المدخل الجنوبي لهذا البحر في اتجاه المحيط الهندي وبحر العرب ويقع على حدود ثلاثه دول هي اليمن وجيبوتي وارتيريا ويفصل عمليا بين قارتي اسيا وافريقيا. اما اهميته الاستراتيجية فكونه المنفذ الوحيد الذي يتحكم تماما في البحر الاحمر من الناحيتين العسكرية والتجارية.

ولنا بعد كل هذا ان نعلم لماذا لن تسمح عديد الدول باستمرار هجمات الحوثييين فيه ولما لن تسمح ايران بان يتحول الى مسمار جحا الذي تهدد امريكا منه امنها وبالتالي قد نسمع اصواتا من الغرب تقول ان كانت الحرب فيه لحفظ الامن والاقتصاد العالميين فلتكن. ومن ايران وربما حلفائها مثل روسيا وبدرجة اقل الصين ان كانت الحرب من ستمنع امريكا والغرب من وضع يدها على البحر الاحمر فلتكن.

امكانات الحوثيين

واما حقيقة ان الحوثيين لا يملكون سفنا حربية بحرية رسمية او بوارج او غواصات يمكنهم من خلالها فرض طوق وحصار كامل حال اندلاع حرب البحر الأحمر، فان ايران من ستطلع بهذه المهمة.

بينما يواصل الحوثيون الاعتماد على نيران مضايقة وهجمات بالمسيرات والصواريخ والزوارق السريعة وربما زرع الالغام البحرية. في الوقت الذي تنفذ فيه سفن الحربية الامريكية والفرنسية وغيرها من سفن التحالف دوريات في المنطقة كما ان اسرائيل ارسلت احدث بوارجها الحربية الاسرائيلية ساعر الى البحر الاحمر ما يعني بانها ستكون ايضا هدفا لصواريخ كروز او المسيرات الحوثية وامام هذا سيكون على تحالف امريكا ان يمنع الحوثيين.

الرد الأمريكي

وبالطبع سيكون الرد بقصف موانئ اليمن اولا وصولا الى كل مكان يتواجد الحوثيون فيه. وربما تلجا الولايات المتحدة الى ضرب الحوثيين وترساناتهم الصاروخية مباشرة في وقت تشير معلومات الى ان امريكا واسرائيل وضعتا خطط لمهاجمة مستودعات الحوثيين ومنصات اطلاق الصواريخ. وما سيقوي شوكة الحوثيين بالطبع افتقار تحالف امريكا البحري الى دعم معلن من الدول العربية السبع المطلة على البحر الاحمر. وهنا ان كانت ايران لن تدخل بهذه الحرب فورا الا انها ستؤمن كل الدعم اللازم للحوثيين لضرب بوارج وسفن التحالف واسرائيل خاصة وان كثيرا من التقارير تقول ان هجمات الحوثيين الحالية تاتي بتوجيه من ايران وتحديدا من الوحدة 6000 التي تتبع لفيلق القدس الايراني وتعمل مع الحوثيين في مركز قيادة مشترك.

وعندما سيضطر تحالف امريكا ان تمادى عليه الحوثيون ربما للرد على ايران مباشرة بقصف احد مواقعها مباشرة حينها ستقع حرب البحر الأحمر بعد ان تجر اليها دولا اخرى مثل روسيا الا ان كل هذه تبقى سيناريوهات لا تريدها الكثير من الدول التي تسعى الى احتواء الازمة وجعل ارتباطها بالحرب الاسرائيلية على غزة قائما على انه عندما تنتهي هذه الحرب ستنتهي هجمات الحوثيين. ويا ايها البحر الاحمر ما دخلك شر، وهو ما يتمناه كل الكوكب. لكن تبقى الكلمة الاخيرة للبوارج وحاملات الطائرات التي تتدافع اليوم في البحر الاحمر في وقت يضع كل العالم يده على قلبه ويبعد سفنه الى حين عن هذا البحر.

المصدر: مسقط برس

→ السابق

القوات الاسرائيلية تقتحم مدينة جنين في الضفة الغربية بالاليات العسكرية

التالي ←

اليوم 94 لحرب غزة – غارات عنيفة واشتباكات ضارية

اترك تعليقاََ

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة