الفرنك الافريقي – العملة التي أبقت الدول الافريقية مستعمرة

الفرنك الافريقي

سنبدأ التعريف عن الفرنك الافريقي من العام الف وتسعمائة وثلاثة وستين قرر الرئيس التوغولي سيلفانوس اوليمبيو انشاء مشروع نقدي خاص ببلاده التي استقلت للتو عن فرنسا. لكنه سرعان ما قتل على يد مجموعة من العسكريين الذين دربتهم فرنسا. كان بينهم عسكري يدعى اتيان غناسينغبي إياديما هو نفسه الرجل الذي سيصبح رئيسا للتوغو لاكثر من ثمانية وثلاثين عاما. والشيء الوحيد نجح بازاحته عن الكرسي هو الموت.

اغتيال معارضي الفرنك الافريقي

زعيم افريقي اخر من بوركينا فاسو يدعى توماس سانكارا. والمعروف على نطاق واسع بلقب تشيجيفارا الافريقي. موديبو كيتا رئيس المال الاشتراكي. كلاهما اغتيل وجاءت فرنسا مكانهما برجال متحالفين معها. والسبب انهما قدما اصلاحات اجتماعية واقتصادية. لو تم تنفيذها لكان ذلك بمثابة بداية لمسبحة الفرنك الافريقي التي ستن

توماس سانكارا

فرط حباتها واحدة تلو الاخرى.

الفرنك الافريقي العملة الفرنسية الاستعمارية والحبل الذي يمنع تنمية البلدان الافريقية. ما قصة العملة التي تطبع في فرنسا وتستخدم في اربعة عشر دولة افريقية مجبرة على اعطاء فرنسا خمسين بالمئة من عملتها؟

استقلال وهمي

على عكس ما حدث في الجزائر والمغرب وبعض الدول التي احتلتها فرنسا والتي اخرجت منها بالقوة. منحت باريس الاستقلال بشكل سلمي لمعظم مستعمراتها في غرب ووسط افريقيا في الستينيات. لكن هذه البلاد اصبحت مستقلة بالاسم فقط دون سيادة.

وبسبب عدم وجود ثورة تطرد الفرنسيين بشكل كامل من تلك البلدان. بقيت العديد من الانظمة الفرنسية التي اقيمت لاستغلال وادارة المستعمرات والمؤسسات الفرنسية. واستمرت فرنسا في ممارسة نفوذها الاقتصادي والسياسي والعسكري في غرب ووسط افريقيا. على الرغم من تراجع هذا النوع من السيطرة منذ الحرب العالمية الثانية.

توزيع النفوذ باستخدام العملات

ومثل منطلق الامبراطورية الاستعمارية الاخرى انذاك. انشأت المملكة المتحدة منطقة الاسترليني والبرتغال اقامت منطقة اسكودو بينما كان لدى فرنسا منطقة الفرنك. تم انشاء الفرنك الافريقي الفرنسي رسميا في السادس والعشرين من ديسمبر الف وتسعمائة وخمسة واربعين. وذلك بموجب مرسوم صادر عن الجنرال ديجول.

ولدت هذه العملة من حاجة فرنسا لادارة هياكلها الاقتصادية. والسيطرة على موارد البلدان الافريقية.

مناطق الفرنك الافريقي

هي عملة اشبه باداة غير مرئية للسيطرة على اقتصادات الدول الافريقية. تتم طباعتها واصدارها في فرنسا. تعتبر فرنسا الدولة الوحيدة التي ما زالت تمارس هذا النوع من الاستعمار. الذي بات يطلق عليه اسم العبودية النقدية. وتتكون من ثلاث مناطق لكل منطقة بنك مركزي وعملة خاصة.

الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب افريقيا. يتكون من ثمان دول اعضاء وهم بنين وبوركينا فاسو وكوتديفوار والدينيا بيساو ومالي والنيجر والسنغال وتوجو. تستخدم هذه البلدان فرنك غرب افريقيا.

الجماعة الاقتصادية والنقدية لوسط افريقيا. تتكون من ست دول اعضاء. وهي الكاميرون وجمهورية افريقيا الوسطى وتشاد والكونجو الاستوائية والجابون ويستخدمون فرنك وسط افريقيا.

اما الاتحاد الثالث والاخير يتكون من اتحاد جزر القمر وعملته فرنك جزر القمر.

تمثل هذه البلدان معا اربعة عشر بالمائة من اجمالي سكان افريقيا. ويغطون ما يقرب من تسعمائة وخمسة وستين الف ميل مربع. ويمثلون اثنا عشر في المائة من الناتج المحلي الاجمالي للقارة.

اقرأ ايضاً
مدينة ارليت - الثروة التي تحولت موتاً على صاحبها

تغيرات قيمة العملة الافريقية

تطورت قيمة الفرنك الافريقي عدة مرات على مر السنين. ففي عام الف وتسعمائة وخمسة واربعين كان الفرنك الفرنسي الواحد يساوي صفر فاصلة خمسمائة وثمانية وثمانين فرنك افريقي. وفي عام الف وتسعمائة وستين انخفض الى صفر فاصلة صفر اثنان. عندما قدمت فرنسا عملتها الجديدة.

قد يكون اسوأ ما حصل للفرنك الافريقي بحسب بعض الخبراء هو عندما قامت باريس عام الف وتسعمائة واربعة وتسعين بتخفيض قيمة الفرنك الافريقي الى خمسين بالمئة من قيمته امام الفرنك الفرنسي. سرعان ما ارتفع التضخم في تلك البلدان وانهارت ملايين الاسر بعد انهيار قوتها الشرائية.

كيف تربح فرنسا وتخسر افريقيا

ادى ربط فرنك غرب ووسط افريقيا بالفرنك الفرنسي اولا ثم باليورو لاحقا الى انخفاض معدلات التضخم مقارنة بالدول الافريقية الاخرى. صحيح ان التضخم في تلك البلدان توقف. لكن ذلك كان على حساب التنمية والازدهار. بسبب الضوابط المالية والخيارات الاقتصادية المحدودة. وكان احد المبادئ التأسيسية لنظام الفرنك هو ان المستعمرات كان عليها الاحتفاظ بنسبة خمسين بالمئة من احتياطاتها من العملات الاجنبية في الخزانة الفرنسية. بالاضافة الى عشرين بالمئة اضافية للالتزامات المالية.

وهكذا احتفظت الدول الاعضاء بنسبة ثلاثين بالمئة فقط من الاحتياطات داخل حدودها. وبسبب انخفاض السيولة عند حكومات تلك البلدان بسبب احتجاز فرنسا لاموالهم قلل ذلك من هامش تدخل البنوك المركزية. واصبح دورها يرتكز فقط على مكافحة التضخم بدلا من التنمية الاقتصادية.

مرونة اقتصادية أو استغلال ونفوذ

اما بالنسبة لفرنسا فليس هناك اية خسائر. فكل ما تناله من هذه العملة هو المزايا فقط. تضمن فرنسا بهذه العملة احكام قبضتها على اقتصادات تلك البلدان. التي حتى لو كان لديها فائض تجاري. ستقوم باريس بحجز ذلك الفائض من العملات الاجنبية في بنوكها. ثم تستخدم هذه العملات في الاسواق العالمية.

الفرنك الفرنسي

لكن الخبراء الفرنسيين لهم رأي مغاير. ويرون ان ارتباط الفرنك باليورو يمنح الاقتصادات مرونة افضل في مواجهة صدمات الاقتصاد الكلي. ويساعد في السيطرة على التضخم من خلال ضمان استقرار العملة. مما يؤدي الى تنامي التجارة والاستثمارات. حيث بات يعرف الفرنك الافريقي بكونه عملة مستقرة وذات مصداقية. وهي ميزة مهمة بالنظر الى تجربة معظم الدول الافريقية.

حجة واهية

على الجانب الاخر يرى معارضو العملة الأفريقية الفرنسية هذه ان تلك الحجة واهية لان التجربة اظهرت ان دولا مثل المغرب وتونس والجزائر التي انسحبت بعد الاستقلال من منطقة الفرنك وصكت عملتها الخاصة هي الاقوى اقتصاديا من اي مستخدم للفرنك الافريقي. ويرون ان هذه العملة جيدة فقط للذين يستفيدون منها. مثل الشركات الفرنسية والدولية الكبرى. والمديرون التنفيذيون للبنوك المركزية في المنطقة. والنخب الراغبة في اعادة الثروة المكتسبة بشكل قانوني او غير ذلك.

منذ بداية الفرنك الافريقي انسحبت اربع دول فقط من اصل خمسة عشر دولة من منطقة الفرنك. وهي مالي وموريتانيا وغينيا ومدغشقر. فهل تنضم اليها النيجر بعد الانقلاب الذي حدث مؤخرا؟

المصدر: مسقط برس

→ السابق

الطلاق في سلطنة عمان – ارتفاع حالات الطلاق بنسبة 8%

التالي ←

ما هي افضل سبع منتخبات في تاريخ كرة القدم… تعرف عليها

اترك تعليقاََ

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة