برغم الخسائر الكبيرة – فلسطين كسبت المعركة وإليك الدليل

فلسطين كسبت المعركة

خسرت الجزائر اكثر من مليون ونصف مليون انسان لكن بالنهايه كسبت استقلالها، خسرت فيتنام اكثر من 7 ملايين انسان لكنها سجلت اول انتصار على الولايات المتحده في التاريخ. خسر الاتحاد السوفيتي 30 مليون انسان لكنه ربح الحرب العالميه الثانيه واصبح قوه عظمى.

يقول التاريخ لا حريه من دون مقابل ولا استقلال من دون ثمن، ولا انتصار سيتحقق من دون ان تدفع. غزه خسرت من ابنائها لكن هل يمكن إعتبار أن فلسطين كسبت المعركة.

رغم الدمار – فلسطين كسبت المعركة

لا احد ينكر حجم الالم والمصاب والمعاناه لما يجري في غزه الان. ولا احد يتساهل في تقدير حجم الضحايا والدمار الذي حل بسكان القطاع وبيوتهم وحياتهم كما لا احد يقلل من خطوره استمرار العدوان على غزه واهلها. فهم لا شك بشر يستحقون حياه افضل او على الاقل حياه عاديه كباقي شعوب المنطقه والعالم. لكن ماذا تفعل حين يشاء القدر ان تكون محاصرا لاكثر من 15 عاما وبلدك محتل طوال 75 سنة. وارضك يستمتع بخيراتها من هب ودب من اصقاع العالم من نواحي اوكرانيا وزقاق بولندا وحواري روسيا ومشرد منهاتن وغيرهم.

اليوم الـ 43 من الحرب على غزة

هؤلاء الذين جيء بهم ليحلوا مكانك ويلغون وجودك ويطمسون تاريخك وارث اجدادك ومثل هذا جرى في التاريخ كثيرا فلطالما غزا القوي الضعيف ولطالما استوطن الغرباء اراضي غيرهم ولطالما سعى شعب لطمس شعب اخر، لكن يظل دائما لاصحاب الدار القرار. وفي فلسطين وفي غزه كان القرار بالمقاومة وعلى ما يبدو حتى الرمق الاخير. فعن ماذا اسفر هذا القرار وهل فلسطين كسبت المعركة ام خسرت وتحديدا من بعد عملية السابع من اكتوبر.

فلسطين لم تعد قضية منسية

قالوا لن يكون بعد السابع من اكتوبر كما قبله ولعل هذه المقوله تحديدا من اصدق المقولات حتى الان. ففلسطين لم تعد قضية منسية والفلسطينيون لم يعودوا منسيين. فما جرى مؤخرا هو عوده القضيه الفلسطينيه لتصبح القضيه الاولى عالميا. والعالم فهم حرفيا ان القضيه الفلسطينية ليست قضية مؤجلة ومتروك امرها لاسرائيل للتعامل معها بما يناسبها خاصة ان هذا العالم كان منغمسا بشكل شبه تام في قضايا اخرى كان يراها اولوية وملحة كالحرب بين روسيا واوكرانيا او الصراع الامريكي الصيني وقضيه تايوان او حتى انقلابات افريقيا على الانظمة الفرنسية في بعض الدول هناك بل وحتى ازمات عالمية اخرى كانتشار جائحه كورونا وازمات المناخ والطاقة.

اعتراف بالدولة الفلسطينية

وقبل ذلك كله سنوات ما كان يعرف بالربيع العربي والحروب الاهلية التي خلفها في بعض الدول. وقبل ذلك الحرب على العراق وانتشار ما كان يطلق عليه جماعات ارهابية ومتطرفة وغير ذلك الكثير. جميع هذه القضايا كانت فلسطين قد اصبحت في ذيلها لسنوات في حين وجدت اسرائيل فرصة خلال هذه الانشغالات لتوسيع عمليات الاستيطان في الاراضي الفلسطينيه واستمرار عمليات التهويد في القدس واطباق الحصار على غزة في محاوله لخنقها كليا وجرى ذلك على مراه ممع من العالم المشغول والذي لم يحرك احد فيه ساكنه بل كانت قد تحولت فيه فلسطين وقضيتها الى قضية هامشية كما ذكرنا اسرائيل فقط يمكن لها تقرير مصيرها. في السابع من اكتوبر كل شي اختلف وعادت القضيه للواجهه بل واكتسحت جميع المنافسين

فلسطين قضية الجيل الجديد

منذ انتهاء الانتفاضة الثانية وما اعقبها من احداث دوليه على الساحة وعلى راسها الحرب الامريكية على ما يسمى الارهاب. منذ ذلك التاريخ ولد جيل في العالم لم يكن يعلم عن فلسطين شيئا كثيرا وربما لم يكن يعلم عنها اي شيء. والحديث عن الجيل الذي ولد في الغرب والعالم غير العربي والاسلامي. هؤلاء الاجيال والذين سيكبرون وقد يصبحون هم القاده والمؤثرون في المجتمع مستقبلا. كانوا لن يفكروا بفلسطين وقضيتها بل كانوا سيتعاملون معها كقضيه حديثه عليهم لا يعلمون ما قصتها وما جذورها وما اصلها وفصلها.

الجيل الغربي

والان وبعد عمليه السابع من اكتوبر عرف من لم يعرف وعلم من لم يكن يعلم ان هنالك على خارطه العالم يوجد ارض محتله اسمها فلسطين، و من يحتلها تسمى اسرائيل. وهذه اسرائيل كان يعتقدها اجيال من الغرب انها بلد ودولة لها عمق تاريخي وجذور. في حين النقاش الذي اثير مؤخرا ذكر هؤلاء بالتاريخ وشرح لهم كيف وصل الحال الى الحرب اليوم. ويمكن بناء على هذه النقطة أن نقول أن فلسطين كسبت المعركة.

اقرأ ايضاً
في ذكرى النكبة ... عقود من الذل والاستسلام والخضوع لليهود الصهاينة

الجيل العربي والإسلامي

ولا يقتصر الامر على اجيال الدول الغربيه وغيرها من الدول غير العربية والاسلامية فحتى الاجيال العربيه التي ولدت وترعرعت في ظل ازمات عديده تعصف بديار العرب وترعرعت قضيه فلسطين حتى لم تعد اولويه لهم هؤلاء ايضا. اعادوا مركزه تفكيرهم وبوصلتهم صوب فلسطين. وهذا يعيد للاذهان تصريح بن جوريون الشهير اول رئيس حكومه الاسرائيل والذي قال ان الاجيال القادمه ستنسى، فاصبحت الاجابه بعد الطوفان لا لن ينسى احد يا بن جوريون.

المقاومه ليست إرهاب

احد اهم المكاسب للقضيه الفلسطينيه جاء من زاويه لم تكن تحسب حسابها اسرائيل وهي التي سعت لتصوير المقاومة الفلسطينية على انها مجرد حركات متشدده اشبه بداعش والقاعده واخواتها. وخاصه بعد السابع من اكتوبر والحق يقال انها نجحت في ذلك لكن لمده 48 ساعه فقط. حيث بعد انقضاء الايام الاولى للعدوان استيقظ العالم على حجم الوحشيه المفرطه للاسرائيليين. ومع مرور الايام جرت مقارنه بين ما فعلته فصائل غزة وما فعله الجيش الاسرائيلي.

لقاء السنوار

وساعد في ذلك الحرب التي دارت على منصات التواصل الاجتماعي والصور المأساويه والفظيعة والمشاهد المروعة القادمة من غزة. هذه التي جعلت الجميع يؤمن ويعيد تصويب قناعاته حول من المتطرف ومن المظلوم بل ان عديد الاصوات حتى الغربية منها باتت ترى بالمقاومة حقا مشروعا لصد مثل هكذا همجية وعدوان خاصة بعد ان ادارت الفصائل معركة الصورة سيما فيما يتعلق بالاسرى والتعامل معهم بافضل طريقة ممكنة ما جعل للقضيه الفلسطينيه مكسبا جديدا ما كان ليتحقق لولا ما قدمه الفلسطينيون من تضحيات وصبر وصمود.

القضاء عى حلم التهجير

إن في احدى الروايات التي تتحدث عن حجم ما القي على غزة من قنابل قالوا انه يعادل اربع قنابل نووية من حيث التاثير والدمار هذا بالاضافه للحصار وعملية التجويع الممنهجه وقطع الكهرباء والماء وضرب المستشفيات وحرمان الغزاويين من اي سبيل من سبل الحياة. فضلا عن الاف الشهداء وعشرات الاف الجرحى ومئات الاف المشردين. كل هذا وما زالت غزه تقاوم وما زالت تسعى للصمود وما زال شعبها يقول لن نهجر ارضنا.

فعلى قائمه اولويات اسرائيل كان ملف التهجير الذي بدا انه بات بعيد المنال عقب الصمود الاسطوري للفلسطينيين وهذا ادعى ان تفهم تل ابيب ومن يدعمها ان التخلص من الفلسطينيين وتصفيه قضيتهم عبر تهجيرهم خارج ارضهم بات محض خيال وعليها وعلى امريكا ان تفهم وتبحث عن حلول اخرى للقضيه، ليس منها تصفيه هذه القضيه بل ايجاد حل الفلسطينيون جزء منه وفلسطين كذلك من دون هذا فلن يكون حل ولن يكون ضمان لأمن اسرائيل.

تراجع حدة الموقف الأوروبي

وهذا الكلام هو ما نطقت به ألسنة ساسة غربيين كقادة بلجيكا واسبانيا بل وحتى الفرنسيين والامريكيين الذين اعترفوا بان لا حل سوى بقيام دولة للفلسطينيين ليست في سيناء وليست في الاردن او العراق وانما على ارضهم وعلى ارض فلسطين. وهذه النتيجة صحيح ان العالم وصل اليها بالدم الفلسطيني وبارواح الفلسطينيين الا ان العيش بكرامه وحريه ونيل الاستقلال يستحق كل هذا. يقول الجزائريون والفيتناميون وغيرهم من الشعوب التي لم تنل حريتها الا بالدم وبذل الارواح وهذا ثمن دفعه ويدفعه الفلسطينيون دوما ويقولون انهم لن يملوا دفعه باستمرار وعلى ضوء ذلك يمكننا أن نقول أن فلسطين كسبت المعركة.

المصدر: مسقط برس

→ السابق

تطبيع العلاقات بين السعودية واسرائيل، فما رأي البيت الأبيض؟

التالي ←

مخيم جباليا – عش الدبابير الذي يرعب إسرائيل

اترك تعليقاََ

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة